قصة البطريق الذي يسافر 5000 ميلاً كل سنة ليشكر منقذه

عندما شاهد الصياد البرازيلي ” جو بريرا دي سوزا ” ابن السبعين عاماً بطريقاً مغطى بالنفط متألماً مترامياً على الصخور في جزيرة صغيرة قرب ريو دي جانيرو بالبرازيل أدرك أن الموت هو طريق البطريق إذا لم ينقذه من هذا الضيق..
حمل دي سوزا ” البنّاء المتقاعد ” البطريق بحنان وأخذه لبيته بحب وإحسان.. نظف ريشه من بقايا الصباغ الأسود والدهان.. وأطعمه غذاءً غنياً بالأسماك.. وأعطاه اسماً رنان ” دينديم ” وعندما استرد البطريق صحته بعد أسبوع من الزمان أحب الصياد إعادته للبحر والشطآن.. لكن البطريق لم يترك صديقه بل بقي معه 11 شهراً دون نقصان.. وعندما استبدل ريشه بريش جديد جميل غادر بأمان واطمئنان دون أن يتوقع الصياد رؤيته بعد الآن..
لكن المفاجأة الغريبة العجيبة كانت بعودة هذا البطريق الصديق بعد أربعة أشهر حاملاً بقلبه للرجل الذي أنقذه كل الشكر والامتنان..
هذه القصة كانت قبل أربع سنوات.. مع هذا لا يزال البطريق يزور صديقه الصياد من ذلك الأوان وحتى الآن..
يأتي هذا البطريق للبرازيل في شهر حزيران قاطعاً مسافة 5000 ميلاً كل سنة ليزور رفيقه وصديقه الصدوق ويبقى معه 8 شهور كاملة متواصلة.. بعدها يرحل لسواحل الأرجنتين وتشيلي في شهر شباط بموسم التوالد..
يقول الصياد دي سوزا ” أنا أحب هذا البطريق كأنه ابني وأحس أنه يحبني أيضاً.. كل سنة يأتي لرؤيتي وهو أكثر حباً وحناناً وسعادةً.. هو لا يسمح لأحد آخر أن يلمسه وينقره بمجرد محاولته الاقتراب منه.. لكنه يستمتع بالاستلقاء في حضني ويسمح لي بحمله وتحميمه وإطعامه السردين..”
تعد هذه القصة المشحونة بمشاعر الحب والامتنان فريدة عجيبة بالنسبة لعالم الحيوانات البرية القليلة التواصل مع البشر وهذا هو سحر وسر عالم الطبيعة الرائع الذي لا يكف أبداً عن إدهاشنا..
يوضح عالم الأحياء باولو كراجيوسكي لمجلة الاندبندنت ” لم أرَ في حياتي شيئاً مشابهاً من قبل.. ربما يظن هذا البطريق أن صديقه الصياد هو فرد من عائلته أو بطريق رفيق.. لأنه يهز ذيله كالكلاب ويصيح فرحاً وابتهاجاً بمجرد رؤيته..”
هذه هي صلة الصداقة الصادقة الأعمق من كل علاقة.. يعلمنا هذا الرجل صاحب القلب الطيب كيف نحيا الرحمة من لب الألباب للأصحاب والأحباب والأغراب.. للشجر والبشر.. للطير والحجر.. لولا رحمة هذا الرجل اللطيف لمات الطير الضعيف منذ أربع سنوات مغموراً فوق الصخور..
ويعلمنا هذا البطريق الرقيق معنى العرفان والامتنان الأبعد من كل زمان ومكان.. يعلمنا الحب الصافي السامي اللامشروط واللامحدود.. الموجود في كل الوجود..