فحص الماموغرافي قيد الالغاء في سويسرا

أصدر المجلس الطبي السويسري بعد مراجعة جميع الدلائل المتاحة تقريرا في شهر فبراير / شباط 2014 يوضح فيه أن تلك الدلائل لا تدعم المقولة الطبية بأن فحص الماموغرافي هو آمن وقادر على تخفيف الوفيات.
وفقا لما وجده المجلس، فإن فحص الماموغرافي قادر على انقاذ مريضة واحدة من بين كل 1000 ممن يتقدمن للفحص، بينما يسبب الأذية لعدد أكبر بكثير. وقد أفاد من خلال تقريره بأن اجراء الفحص بهذه الطريقة يجب أن يقيّم بشكل دقيق مع شرح حيادي لمخاطره وفوائده قبل أن يتم تطبيقه. وينصح المجلس بعدم الخضوع للفحوص الدورية للماموغرافي بعد مراجعة دقيقة لكثير من العوامل.
تعتمد الدراسات التي تقر بفوائد فحص الماموغرافي على تجارب قديمة جدا بدأت أولها منذ أكثر من خمسين عام ، بينما جرت آخرها في عام 1991 ، والجدير بالذكر أن الفوائد التي وجدت كانت مقارنة مع الأساليب العلاجية المتبعة في حقبة تاريخية سابقة. لكن مؤخرا تم اكتشاف العديد من العلاجات الثورية لمرض السرطان خلال العقدين السابقين، لذلك فإن تمت إعادة تقييم فوائد اجراء الفحوصات مقارنة مع هذه العلاجات الحديثة سيثبت عدم فاعليتها أو بالأحرى الضرر التي تلحقها.
أظهرت إحدى نتائج الدراسات التي أجريت على 90,000 امرأة من قبل صحيفة بريطانية طبية بأن فحص الماموغرافي لم يعطِ أي نتائج ايجابية فعالة على سرطان الثدي، بل كان سببا في التشخصي الخاطئ ل 22% من الحالات التي تمت علاجها دون أن يكون هنالك أي داع لذلك حيث خضعت المرأة المعافاة لعمليات جراحية وجرعات كيميائية كانت بغنى عنها.
أيضا ينوه المجلس الطبي السويسري على الاعتقاد الخاطئ الشائع لدى النساء عن فحص الماموغرافي بأنه يقي حوالي 80 سيدة من أصل 1000 من خطر الموت، لكن الرقم الفعلي هو 1 من أصل 10000، ومما لا شك فيه أنه إن تمت توعية النساء على هذه الحقيقة فإن عددا أقل منهن سيظل مقتنعا بضرورة اجراء فحص الماموغرافي الذي يتم الترويج له بكثرة عبر وسائل الإعلام والحملات مثل حملة الشريط الوردي لمكافحة سرطان الثدي والذي يجعل النساء وحتى العالمات منهن ينخدعن به.
والحق يقال، فإن عدد النساء اللاتي يتضررن من الماموغرافي يفوق عدد من يستفدن منه، لذلك فلا بد من السؤال: من هن النساء اللواتي يعتبرن أقل مسؤولية تجاه أنفسهن؟ هل هن أولئك اللاتي يتحرين عن آخر الأبحاث والنتائج الطبية والتي تنصح بالابتعاد عن فحص الماموغرافي وبالتالي لا يقمن بالخضوع له، أم أولئك اللاتي يستمعن لحملة الشريط الوردي الترويجية ويقمن بالفحص؟
النتائج الضارة لفحص الماموغرافي هي التي قادت المجلس الطبي السويسري لأن ينصح بضرورة الابتعاد عن اجراء الفحص الدوري باستخدامه، وذلك يعتبر سبقا في عالم الأدوية من جهة اتخاذ قرار بعيد عن السياسة والصناعات الدوائية. ونأمل أن تأخذ بقية الدول توجه المجلس الطبي السويسري بعين الاعتبار وأن تحذو حذوه.
يبقى في النهاية أن ننوه أن أسلوب الحياة اليومي يشكل أول مانع لسرطان الثدي وغيره من أشكال السرطانات، وإن أرادت المرأة أن تتابع حالة جسدنا بشكل دوري، فلا غنى عن الفحص الذاتي واستشارة اختصاصي في حالات الشك للتأكد.