الراهب الغائب

كان يا ما كان بقديم الزمان راهبان عائدان للدير بأمان..
كانا بحضرة يراقبان كل خطوة ونظرة .. حتى وصلا لنهر سريع الجريان.. لم يجدا أي مركب ليعبرا النهر بسلام واطمئنان.. بل وجدا فتاة جميلة البنيان تنتظر أيضاً ولكن ولا مركب بان..
قررا عبور النهر الآن فالشمس تغرب والظلام يلف المكان..
حمل الراهب الشاب الفتاة على كتفيه وعبروا النهر.. شكرته الفتاة بامتنان وذهبت بأمان..
تابع الراهبان السير للدير يتأملان كل نسمة وكل همسة.. لكن فكر الراهب المسن كان يغلي غليان فانفجر قائلاً:
سأخبر المعلم بما أذنبت وأجرمت.. لن أبقيه طي الكتمان..
سأله الراهب الشاب باستغراب: ماذا ستقول للمعلم.. أخبرني ما هو ذنبي وعيبي بحق الرحمن؟؟
رد الراهب المسن: نسيت الشابة الفتية الجميلة.. نسيت كيف لمستها وحملتها على كتفيك بحنان..
ضحك الراهب الشاب وقال: نعم حملتها لكن أنزلتها على ضفة النهر وأنت لاتزال تحملها في فكرك ونفسك من زمان دون نسيان..
الفكر يحلم ويحكم.. يحلل ويحرم ويرجم.. من حكم إلى حكم وكله من الكبت..
الحل لا بالكبت ولا بالفلت بل فيك أنت.. بالشهادة والمراقبة الآن وهنا.. بالتفكر والتذكر والتأمل… لا أمل إلا بالتأمل لتحويل الطاقات وتبديل المقامات لمقامات أسمى وأعلى وأنقى..