العلماء يحولون أوراق الشجر إلى بطاريات

يبحث العلماء منذ فترة طويلة على مواد طبيعية بديلة لصناعة البطاريات التي ازداد اعتمادنا عليها لتشغيل معظم الأشياء التي نستعملها في حياتنا اليومية كهواتفنا الذكية وألعاب أطفالنا وسياراتنا وحتى أجهرتنا الطبية.. خاصة بعد زيادة الوعي بأهمية صناعة البطاريات من مواد طبيعية بسيطة متوفرة وأكثر استدامة..
وهذا ما توصل إليه فريق من العلماء في جامعة ميريلاند بأميركا بعد اكتشافهم واحدة من أبسط الطرق وأسهلها لصناعة البطاريات..
يوضح ” هونغ بين ” البروفسور في قسم الهندسة والعلوم الأساسية في كلية جيمس كلارك للهندسة ” أوراق الشجر متوفرة في كل مكان وليس علينا سوى التقاط أحد هذه الأوراق المتساقطة على الأرض وتحميصها وإضافة الصوديوم إليها لنحصل على القطب الموجب للبطارية..”
حاول العلماء صناعة بطاريات تستعمل الصوديوم خلافاً لمعظم البطاريات القابلة للشحن التي تستعمل الليثيوم لأن الصوديوم أكثر أماناً لنا ولأمنا الأرض من الليثيوم السام الذي يتراكم في خلايانا وأرضنا مدمراً جسمنا وبيئتنا.. هذا فضلاً عن كون الصوديوم يمكنه الاحتفاظ بشحن أكبر من الليثيوم رغم أنه لا يستطيع الصمود أمام سلسلة عمليات الشحن والتفريغ بكفاءة الليثيوم..
كانت المشكلة في صناعة بطاريات الصوديوم هي العثور على قطب موجب يعمل مع الصوديوم خاصة وأن الصوديوم أكبر قليلاً من الليثيوم.. وكان الحل في البداية باكتشاف الغرافين ” طبقة رقيقة من الكربون الصافي ” ولكن العملية كانت معقدة جداً.. لكن توصل العلماء في النهاية لطريقة بسيطة للغاية.. ألا وهي أوراق الشجر المتساقطة..
قام العلماء أولاً بتسخين ورقة الشجر لدرجة حرارة 1000 درجة مئوية لمدة ساعة كاملة ليحترق بهذا كل شيء ولا يبقى سوى الهيكل الكربوني الأساسي..
يتكون الوجه السفلي لورقة الشجر من المسامات التي تنفذ عبرها السوائل ودورها الأساسي امتصاص الماء.. لكن في هذه الحالة ستمتص مسامات ورقة الشجر شوارد الصوديوم بدلاً من الماء.. بينما يتكون الوجه العلوي لورقة الشجر من بنية كربونية مجهرية صلبة تمتص الصوديوم وتحتفظ بالشحن..
يوضح ” فاي شين ” أحد المبتكرين الأساسيين لهذه البطارية والطالب في قسم الهندسة والعلوم الأساسية ” يتناغم الشكل الطبيعي لورقة الشجر مع احتياجات البطارية فالمساحة السطحية الصغيرة تقلل العيوب ووجود الكثير من التراكيب المجهرية الصغيرة المتراصة معاً يزيد السعة.. فضلاً عن كون البنية الداخلية للورقة تتمتع بالشكل والحجم المناسبين للاستخدام مع شوارد الصوديوم..”
كما اكتشف هذا الفريق العلمي أيضاً استخدام الألياف الخشبية لصناعة بطاريات شوارد الصوديوم.. تعد هذه المواد الطبيعية مثالية لأن الخالق أبدعها بالأساس لتتمدد وتتقلص عبر امتصاص الماء وتبخره.. وهذا يحاكي الانفلاش والانكماش الضروريين في القطب الموجب للبطارية من أجل امتصاص وتصريف شوارد الصوديوم.. بينما باقي المواد الطبيعية الأخرى هشة جداً وسريعة الانكسار بمجرد شحنها لبضع مرات فقط..
يعمل هذا الفريق العلمي حالياً على اختبار أنواع مختلفة من أوراق الأشجار لإيجاد البنية والمرونة والسماكة الأفضل والأنسب لاستخدامها في البطارية.. علماً أن هذا البحث العلمي تم تمويله من قسم برامج بحوث الطاقة نظراً لاعتماده على البنى المجهرية لتخزين الطاقة الكهربائية..