لماذا تجعلنا المدينة أغبياء؟؟

تواصل المدن الكبرى في العالم التضخم والازدحام ويحتشد فيها الملايين من الناس سعياً وراء العمل والوظيفة آملين بحياة أفضل وأحسن.. مما يزيد خطر الإصابة بالعديد من الأمراض نتيجة التلوث المتركز بكثافة عالية في هذه المدن.. خاصة مشاكل الجهاز التنفسي وتشوهات الأجنة..
حسب منظمة الصحة العالمية يقتل 2 ,1 مليون إنسان سنوياً نتيجة تلوث الهواء في المدن.. وتتحمل الصناعة وتوليد الطاقة ووسائل النقل المسؤولية الأكبر في هذا التلوث..
بينت الدراسات العلمية السابقة العلاقة بين تلوث هواء المدن والإصابة بالسكري من النمط 2 ” الغير معتمد على الأنسولين ” وارتفاع نسبة سكر الدم لدى الحوامل والعديد من الأمراض الأخرى.. وأكدت الدراسات الحديثة أن تلوث الهواء والمشاكل المالية تقللان نسبة ذكاء الأطفال وتحدان من قدرتهم على التعلم والتطور واكتساب المعلومات..
في دراسة جديدة قامت بها جامعة كولومبيا للصحة العامة وجد أن أطفال المدن المولودين لأمهات فقيرات والمعرضين للهواء الملوث بنسبة عالية لديهم معدل ذكاء منخفض ” IQs ” نتيجة الظروف الاقتصادية والبيئية السيئة المفروضة عليهم منذ ولادتهم.. هذه النتيجة تستدعي الكثير من الاهتمام لأنه مهما كانت نسبة الانخفاض بمعدل الذكاء قليلة فهي تنعكس سلباً على وضعهم المالي طيلة حياتهم.. هذا ما أثبتته الأبحاث العلمية..
وبينت التجارب أن أطفال المدن بعمر 5 سنوات المعرضين للهواء الملوث بمادة الهيدروكربونات المتعددة الحلقات ” PAH ” ” القوية الرائحة ” سجلوا أدنى نسبة انخفاض بمعدل الذكاء مقارنة بغيرهم من أطفال العائلات الأكثر دخلاً والأقل تعرضاً للهواء الملوث.. هذا ما نشرته مجلة ” التسمم العصبي البيئي ”
تنبعث هذه المادة ” PAH ” الشديدة السمية من السيارات والشاحنات ووسائل النقل ووسائل التدفئة المنزلية ومصادر توليد الطاقة المعتمدة على احتراق النفط والفحم الحجري ومن دخان السجائر وغيرها من مصادر الاحتراق..
تبين أيضاً تأخر نمو أطفال المدن المعرضين لهذه المادة السامة ” PAH ” ابتداءً من سن الثالثة.. وفي تقرير نشرته صحيفة ” نيويورك بوست ” تتبع الباحثون نمو وتطور 276 طفلاً من الأقليات في مرتفعات واشنطن ابتداءً من حمل أمهاتهم بهم ولمدة سبع سنوات ووجدوا أن الأطفال الذين نشؤوا في عائلات أقل ثراءً وفي مناطق أكثر تلوثاً سجلوا أدنى نسبة في مقاييس الذكاء الكلية ” IQ ” والإدراك الحسي والذاكرة مقارنة بباقي الأطفال..
لا شك أن اكتساب المعلومات وتخزينها أمر هام جداً للأطفال الصغار كما أنه يلعب دوراً أساسياً في مجالات التركيز والانتباه وتعلم الأمور الجديدة كالرياضيات والقراءة..
يقول العلماء أن هذه النتائج وغيرها من الأدلة السابقة تبين أن المشاكل الاجتماعية والاقتصادية تزيد من التأثيرات السلبية للسموم الكيماوية كملوثات الهواء.. وتقترح الدراسة الحالية ضرورة إيجاد حل شامل لتقليل نسبة التعرض لمادة ” PAH ” السامة وتخفيف العبء المادي من أجل حماية الأجنة والأطفال الصغار..
أظهرت الدراسات أيضاً أن التعرض المبكر لمادة ” PAH ” يسبب القلق والاكتئاب لدى الأطفال الصغار.. كما أن تعرض الأجنة لهذه المادة خلال الحمل يؤخر نموهم اعتباراً من سن الثالثة ويحد من نطقهم وكلامهم ويقلل نسبة ذكائهم الكلية في عمر الخامسة.. ويسبب لهم القلق والاكتئاب بعمر السابعة..
تقول د. فريدريكا بريرا المشرفة الرئيسية على هذه الدراسة ومديرة مركز كولومبيا للصحة البيئية للأطفال أن كل هذه النتائج تدعم التدخلات السياسية للحد من التعرض للهواء الملوث في المدن.. وتستدعي ضرورة وضع برامج لفحص النساء منذ بداية الحمل لتحديد من يحتجن للدعم النفسي أو المادي..
تظهر هذه الدراسة الحساسية الشديدة للأجنة والأطفال الصغار تجاه التأثيرات السمية للملوثات البيئية..
الموقع مفيد جدا شكرا لكم